رغم ان هناك شبه إجماع ان الدكتور يوسف زيدان ليس روائيا من الطراز الاول بل احد المحققين والمهتمين بالتراث والتاريخ والفلسفة ,الا إنني أخالفهم بالجملة واجده احد أفضل وأجمل نتائج المخاض الأدبي في العالم العربي .
عزازيل ليست رواية عادية بل نص عالي الدقة من حيث التصوير واللغة والحس بالجمال الى جانب السرد التاريخي , بالطبع.
تقع الرواية في 31 رق وتدور إحداثها حول شخصية "محورية" وهو الراهب هيبا , في تقلباته بين الإيمان والتجديف وبين العقل والشهوة واليقين والشك .
اسئلة صريحة ومباشرة و"مناورة" ذكية من الكاتب "ان كان قصدها ام لم يقصد" باختياره المسيحية لالقاء هذا الكم من التساؤلات والتي تنتطبق على الإسلام أيضا لولا انها مغامرة كبيرة ان يواجه الاسلامبها بين ظهراني العرب المسلمين .
نحن بحاجة لنفض غبار المسلمات , بحاجة لمراجعة انفسنا . هذا النص الذكي والمدجج بالاسئلة ممسكا بسوط المنطق يوقفنا عن الرعي اليومي لحظة لنفكر
نحن بحاجة لهذا النوع من الأدب "التوعوي" في العالم العربي وبأسلوب يجذب الشباب لقد خرجنا من ربقة الأدب "الأبويالنصائحي" الى مساحة حرة لولا اننا خرجنا خالين الوفاض..
لم أجد في الأدب العربي المعاصر رواية شيقة تسحبني من عالم الادب الانجليزي والروسي والعالمي بل ان إمكانية المنافسة ضئيلة جدا .
هناك من اتهم الرواية بأسملة الأحداث وتقليد دافنشي كود او اسم الوردة
وهناك من وقع في اللبس بين ما هو حقيقي وما هو متخيل
وهناك من وجدها ماجنة ولا تليق الأحداث براهب كرجل دين متماسك
وهناك من قال بأنه استرسل في المناقشات المسيحية التي لن يفهمها العربي المسلم ..
وأخيرا هناك من قال بان في التأملات تجاوزات على الله
وسكتت صرخات هيباتيا بعدما بلغ نحيبها من فرط الألم عنان السماء , عنان السماء حيث كان الله والملائكة والشيطان يشاهدون ما يجري ولا يفعلان شيئاً "
أرد على كل ما سبق بجملة واحدة : الأدب حر لا يخضع للعلم ولا الدين ولا المنطق"
من هنا تنبعث الجمالية .. والجاذبية عند كسر التابوهات بأسلوب"غير" مبتذل .
نشرت هذه المادة مسبقاً في ملتقى ثقافي في المغرب وقدمه عني الصديق أسامة شيبي.