الخميس، 20 يونيو 2013

نقد (رواية الابله )

للكاتب : فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي
 نوفمبر 1821 – 9 فبراير 1881
واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، كان لاعماله الاثر البالغ للتأثير على أدب القرن العشرين.
شخصياته دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الانهيار، ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة الاجتماعية والدينية لروسيا  والقمع السياسي في ذلك الوقت.

كان من انصار  “المدرسة الطبيعية” وهي التسمية التي اصطلح آنذاك على إطلاقها  الاتجاه الواقعي ولكن جاءت اعماله بعد ذلك بما يتوافق مع مذهب اخر, اعني انها كانت اقرب الى المذهب الوجودي..
وكان أبوه رجلا صعب الطباع وعلاوة على ذلك كان مريضا بالصرع الذي انتقل بالوراثة إلى ابنه.دوستويفسكي كان مصاب بالصرع، واول نوبه اصابته عندما كان عمره 9 سنوات. نوبات الصرع كانت تصيبه على فترات متفرقه في حياته، ويعتقد ان خبرات دوستويفسكي ادت إلى تشكيل ألأسس في وصفه لصرع الأمير ” مايشكين ” في روايته ” الأبله”، بالإضافه إلى شخصيات كثيرة اخرى كان لها اعتلالات صحية وعقلية نجدها في اغلب رواياته..
لقد اعترف الفيلوسوف الألماني فريدريك نيتشه ان دوستويفسكي كان رجلا واديبا جديرا بالتعلم منه.
نقد:
يرى النقاد انها من الروايات الاقوى ولا اتفق معهم بالضرورة,,فلااعتقد انها تصل لمستوى الاخوة كارامازوف.
هذه الرواية اقرب ماتكون مسرحية لكثرة الجلبة وكأني بالشخصيات تحدث الجمهور ولكن بصورة مبهمة..ومتقطعة. لقد كانت معظم الحوارات مبتورة ,فلم تكن معظم الشخصيات لتتابع فكرتها.
تذكرني هذه الرواية بحالة منزل اضطرب ساكنوه بامر جلل,,امر ما..ثم بعد ذلك يدخل شخص “القارئ” وهو لايعلم من امرهم شيئا..ثم يبدأ يقلب الصفحات وكأنه يسأل اهل منزله مالذي حدث ولا احد يجيب..وان اجاب احد فان الاجابة غير مفهومة..
ان الشخصية الرئيسية في هذه الرواية “ميوشكن” ليست الا اسقاطا من وحي شخصية دستويفسكي نفسه. وقد اسهب في وصف هذه الشخصية طوال الصفحات وكانه كان يبحث عن نفسه او يحاول اعادة اكتشافها.كما ان الكثير من النقاد قد شبّهوا شخصية ذلك الشاب, بمعظم الشخصيات الإشكالية في روايات دوستويفسكي الكبيرة الأخرى, من (الأخوة كارامازوف) إلى (الممسوسون) إلى (الجريمة والعقاب), والواقع هنا هو أن شخصية الشاب, ميوشكين, ليست الا نسيجا تابع فيه دستويفسكي الغزل والجمع بين الطيبة احيانا والسذاجة في احايين اخرى. فلا نعرف هل نحن واقفون بوجه رجل طيب ام ابله, كلما اقترب من تحقيق مراده والوصول للنهاية وتتويج علاقة الحب التي تجمعه باغلايا فانه يرتكب حماقة ما ويخسرها ..
لم ار اي جانب جذاب في شخصية الامير كما عهدنا الابطال وكيف هي تصرفاتهم واشكالهم في روايات الادب الكلاسيكي..كان “ميشكين” رجلا يبحث عن ذاته ولكنه يتخلى عنها في مقابل مساعدته الاخرين.. اما “اغلايا” فانها كانت وبشكل كامل شخصية كلاسيكية خالصة اعتدنا رؤيتها في الادب . الفتاة الصغرى المدللة والجميلة..ولكن مايجري معها من احداث قد يخرج من طور الكلاسيكية الى الواقعية.
ومن زاوية اخرى نرى انه قد كان تعلق ميوشكين ب “ناستاسيا” تلك الحسناء, ذات السمعة السيئة, امرا مريبا ولايمكن تفسيره فقد كانت هاجساً له ولنا : هل أحبها? هل شعر بالشفقة إزاءها? هل رأى في خلاصها خلاصاً لذاته?
وهل كانت ناستازيا تحبه؟ نعم..لولا انها لم تكن لتسمح لنفسها بالانجراف وراء هذا الحب الذي كانت مقتنعه ان سببه هو شفقة ميوشكين عليها.
لقد كانت علاقة حب ثلاثية معقدة وصعبة تجمع جميلتين وابله كلاهما تحبانه وهو على مايبدو يحبهما كلاهما ولم يستطع ان يكون مع احدهما باختياره بل كانت تتقاذفه الاقدار وامزجة الحبيبتين..
ملاحظات:
~ لم تكن تصرفات الامير ميوشكن وحدها الغير منطقية بل معظم تصرفات الشخصيات غير منطقية او فيها نوع من الفوضوية ..اعتقد انه ربما كان ينبغى تسمية الرواية بالحمقى او البلهاء وليس الابله.
~  تعتبر هذه الرواية الأكثر ذاتية من بين روايات دستويفسكي.
~كانت من أكثر رواياته بحثاً عن المبادئ الأخلاقية والخلاص ولكنها كغيرها من رواياته تصل لطريق مسدود لانه كان يدرك بانه لامكان للخير والطيبه في عالمنا الحقيقي والكئيب الذي لم يكف دوستويفسكي عن تصويره في أعماله.

ملاحظة:
كتبت هذا النص النقدي سابقا في صحيفة الكترونية > http://ardalwatn.com/journal/?p=10292

ليست هناك تعليقات: